ما زالت محاولات الاتزان رغم تعدد الأدوار والمسؤوليات مستمرة. بدأت مؤخراً أستعيد رفاهية التفكير في كيفية قضاء وقت الفراغ. نعم، “رفاهية التفكير في كيفية قضاء وقت الفراغ.” الأمر الذي لم أتخيل يوماً أن يكون ذا قيمة لدي.
وقت الفراغ كـ “وقت يخلو من الأعمال” موجودٌ دائماً ولدى كل البشر على حد سواء. الكل يستطيع خلق فسحة في وقته، ولكن لا قيمة له حين تغلبه الحاجة للتوقف والتقاط الأنفاس. عندما تكون في خضم عاصفة، فكل ما تريد عمله منتظراً انقضاءها هو أن تستريح من الجري المستمر. أن لا تعمل أي شيء. أن تغمض عينيك وتستمع لدقات قلبك متباطئة بسكون.
في أوقات فراغي بعد تغيّر مسؤولياتي قدّمت – دون وعي مني – وقت الراحة على كل شيء: على مواعيد المستشفى، على صلة الرحم، على مسؤوليات المنزل، على العناية بالذات، على أهدافي الروحانية، على كل ما يعدّ مَهمَّة. غلبني فعل اللا شيء فلم يعد لأبسط الأمور التي اعتادت أن تسعدني ثمناً يستحق أن أتخلى عن استراحتي لأجلها. حتى جاء اليوم، اليوم الذي تمكنت فيه من اختيار كيفية قضاء وقت فراغي، وعدت لممارسة هواية قديمة جداً افتقدتها منذ سنوات طوال. تذكرت حين اعتدت السهر وحيدة بعد أن ينام جميع من في المنزل، وأنا في غرفتي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أستمع لأغانيّ المفضلة وأتفرغ لأشغالي اليدوية. اليوم نام جميع من في المنزل وبقيت وحدي: لم أكن أمّاً لوهلة، لم أكن زوجة، لم أكن موظفة، كنت أنا: أستمع لألبوم هاري ستايلز وأبني مجسماً لمكتبةٍ صغيرة.